الخطاب الإسلامی الحدیث
و تبعاً لحرکة الثورة الإسلامیة
العظیمة فإن الرایة الیوم فی أیدیکم. أیة رایة؟ رایة «الخطاب الإسلامی
الحدیث» الباعث على سعادة البشریة و المؤدی إلیها. لیعلم الجمیع هذا،
الخطاب الإسلامی خطاب فلاح و انفراج لکل البشر و الإنسانیة. هذا الخطاب فی
أیدی الشباب الیوم، و هذا الخطاب الجدید و الجذاب أوجدته الثورة الإسلامیة
بقیادة إمامنا الخمینی الجلیل، و وضعته تحت تصرف هذا الشعب الذکی الواعی
العارف للجمیل، فأخذه و اغتنمه و حرسه إلى الیوم. و استطاعت تضحیة الشعب
الإیرانی التی کانت ملحمة الدفاع المقدس أحد أهم مظاهره، رفع هذه الرایة
الیوم.
فی مقابل هذه الرایة و فی مقابل هذا الخطاب هناک خطاب الجاهلیة
فی العالم الیوم. الخطاب الإسلامی ینادی بالعدالة و حریة الإنسان و زوال
أرضیات الاستکبار و الاستعمار و القضاء على نظام الهیمنة فی کل العالم،
بمعنى أن لا یعود هناک فی العالم تیاران و جانبان أحدهما مهیمن و الثانی
خاضع للهیمنة. هذا هو خطاب النظام الإسلامی، و هذه هی الرایة التی فی
أیدیکم. و الوضع المقابل لهذا هو الخطاب الظالم و التعسفی و المتکبر و
الأنانی الذی تطلقه القوى الاحتکاریة فی العالم و قوى الهیمنة فی العالم
المعتمدة على المرافق الاقتصادیة الکبرى فی العالم، و هی قوى کانت موجودة
فی العالم دوماً و توجد الیوم أیضاً. فی الماضی کانت تعبر عن حقیقتها
بصراحة و وقاحة لسانیة جلیة، و الیوم تمرر أعمالها بنفاق و ریاء بأقنعة
متنوعة من الألفاظ الجمیلة مثل حقوق الإنسان و عدم العنف و ما إلى ذلک، لکن
الأعین الثاقبة للشعوب تستطیع التشخیص و التمییز و یمکنها مشاهدة هذین
الخطابین فی مقابل بعضهما. هذان الخطابان لا یتصالحان و لا یقتربان أحدهما
من الآخر، و لا یمکنهما أن یتصالحا. أحد الخطابین خطاب الظلم و العدوانیة
ضد المظلومین و الشعوب، و الخطاب الثانی خطاب حمایة المظلومین و مواجهة
الظالمین، فکیف یمکن لهذین أن یتعاضدا و یتعاونا؟ و کیف یستطیعان أن یقتربا
من بعضهما؟ هذا ما یدرکه العالم الیوم و یفهمه.
یحاول أعداؤنا فی
إعلامهم تصویر الجمهوریة الإسلامیة على أنها معزولة. الجمهوریة الإسلامیة
لیست معزولة، و هی فی قلوب شعوب العالم منذ أن تأسست إلى هذا الیوم. نعم،
أین ما کان هناک إعلام و تشویه و تسوید للصورة قد تکتم حقیقة من الحقائق،
لکنها ستبقى مکتومة إلى مدة محدودة من الزمن. أنظروا منذ بدایة الثورة و
إلى الیوم متى ما سافر رؤساء الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إلى البلدان
الأخرى و التقوا بالشعوب أعربت الشعوب عن إعجابها بهم فی سلوکها و أقوالها.
و هذا الأمر لا یختص بدورة و فترة معینة إنما کان منذ بدایة الثورة إلى
یومنا هذا، سواء فی شمال أفریقیا أو فی وسط أفریقیا أو فی منطقة غرب آسیا -
التی یصر الغربیون على تسمیتها بالشرق الأوسط - أو فی شرق آسیا و فی شبه
القارة و حتى فی بلدان مجاورة للبلدان الأوربیة، أین ما ذهب رؤساء
الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، و سمح بالأمر و أبدوا هم الهمم للقاء
بالناس أبدى الناس هناک إعجابهم و حبهم. و هکذا هو الوضع الیوم فی کل
العالم.
اسمکم الیوم و اسم الشعب الإیرانی رفیع و مجید فی العالم و بین
الشعوب و بین أحرار العالم. فکیف هو بین الحکومات؟ کذلک هو الحال بین
الحکومات أیضاً، فالحکومات بدورها تتشکل من البشر. الذین هم لیسوا بسود
القلوب و الطویة و الوجوه کثیراً، و الذین هم لیسوا غرقى فی الشهوات، و
الذین لم یتقبلوا خدمة الاستکبار من أعماق قلوبهم و أرواحهم، هم أیضاً
یعترفون بعظمة شعب إیران و عظمة ذلک النظام الذی استطاع التقدم بهذا الشعب
على هذا النحو. فی المؤتمرات و الملتقیات التی أقیمت فی بلدنا - سواء
المؤتمر الإسلامی (2) أو مؤتمر عدم الانحیاز (3) - تجمع هنا معظم الرؤساء و
المسؤولین البارزین فی العالم و أبدوا حبهم و إعجابهم. یقال إن إیران
معزولة! المعزولون هم أولئک الذین لا یستطیعون إلا بالقوة و المال و
الدولار أن یجتذبوا القلوب إلیهم، فلا رسالتهم و لا تصریحاتهم و لا أعمالهم
لیس فیها أیة جاذبیة فی العالم. شبابی الأعزاء، و یا أبناء الشعب الإیرانی
الأعزاء، أنتم الیوم و هذه الرایة المجیدة. فی هذه الجامعة و فی کل مکان و
قطاع و مرفق من البلاد یتحرک الشباب الإیرانی بإیمان فی هذا السبیل.
إننا
لن نسخر عزتنا التی اکتسبناها بواسطة الإسلام و النظام الإسلامی و الحرکة
الثوریة و النظرة الثوریة و المبادئ الثوریة. الأعداء فی الوقت الراهن
یخلقون التحدیات و یصنعون فی کل یوم تحدیاً بشکل من الأشکال لجمهوریة إیران
الإسلامیة، و نحن لا نخاف و لا نهاب ذلک. لو کنا جسماً بلا روح و لا حراک
لما کانت هناک تحدیات ضدنا، إنما نحن متحرکون و أحیاء و نسیر نحو النمو و
الرشد و نمتاز بالنشاط و الحیویة، لذلک یجب أن نتوقع حدوث تحدیات أمامنا، و
سوف نتجاوز هذه التحدیات بالتوکل على الله تعالى و بالثقة بالوعود الإلهیة
و الاعتماد على الذات و النفس. لقد أساء الأعداء الفهم و أساءوا معرفة شعب
إیران و لم یعرفوا المسؤولین فی الجمهوریة الإسلامیة جیداً، لذلک راحوا
یتحدثون بمنطق القوة. فی هذه الأمور المتعلقة بالمفاوضات النوویة یتحدثون
بمنطق العسف و القوة و هذا دلیل على أنهم لم یعرفوا شعب إیران و مؤشر على
أنهم لم یعرفوا حکومتنا، فحکومتنا لن تستسلم، و هی جزء من الشعب و نابعة من
هذا الشعب و تتقدم و تسیر بنفس هذه المبادئ، و قد نمت و تطورت بهذه
المبادئ. بمقدار ما تتراجع الحکومة أو الشعب أو المسؤولین أمام هذا العدو
فإنه سیتقدم إلى الأمام، فهو عدو جشع مستزید لا یقنع إلا بالاستکبار و
الاستعمار و الهیمنة على الشعوب. الأعداء یتقدمون ما استطاعوا إلى ذلک
سبیلاً، لذا ینبغی تشیید سور متین من العزم و التوکل و الاقتدار الوطنی فی
وجه هؤلاء الأعداء.